سلسلة مقالات بحثية عن :

منكري السنة المحمدية : القرآنيون المعاصرون وإنكارهم سنـة النبي محمد

( بحث أكاديمي نشر بحولية مركز البحوث والدراسات الإسلامية – جامعة القاهرة – العدد 4 – عام 2008م )

سلسلة مقالات بحثية عن :

منكري السنة المحمدية : القرآنيون المعاصرون وإنكارهم سنـة النبي محمد

( بحث أكاديمي نشر بحولية مركز البحوث والدراسات الإسلامية – جامعة القاهرة – العدد 4 – عام 2008م )

.

المقالة الأولى : ( القرآنيون المعاصرون : نشأتهم ومنهجهم الفكري )

أد/ خالد على عباس القط

أستاذ الأديان والفرق الإسلامية والمذاهب المعاصرة- جامعة طيبة – المدينة المنورة

.

ملخص البحث

حينما يكون الإسلام مستهدفا من قبل أعدائه من الخارج فلا غرابة في ذلك.

ولكن حينما يكون مستهدفا من داخله ، وممن يرتدون ثوب الإسلام !!

هنا نقف متأملين تلك المؤامرات المذهبية الفكرية المعاصرة الحاقدة على الإسلام ، وشبهاتهم في النيل من شخص رسول الإنسانية محمد بن عبد الله r ؛ من أجل تنفير الناس من الإسلام ، ورسول الإسلام .

متأملين متخيرين : مذهباً معاصراً استقي أفكاره من مذاهب اندثرت وبليت ، واتخذ من القرآن الكريم مصدراً وحيداً لإثبات العقائد والتشريعات الإسلامية

رافضاً الأخذ بسنة الحبيب المصطفي r ، ودس الشبهات والطعنات في النيل من شخص الرسول الكريم، والشك في صحة نبوته r ، حيث نبيّن موقف:

” القرآنيون المعاصرون وإنكارهم سنة النبي محمد “

.

المقـدمة

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ،ودين الحق ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون .

والصلاة والسلام على الحبيب الكريم محمد بن عبد الله r ، سيد الخلق أجمعين الذي بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ،ونصح الأمة ،وكشف الغمة وترك أمته على المحجة البيضاء ،ليلها كنهارها ،لا يزيغ عنها إلا هالك ، وبعد .

.

لقد بعث الله تعالى رسوله r ،والعرب متنافرون لا تجمعهم جامعة ،كأنهم ذرات الرمال المتناثرة ، فجمعهم الله تعالى على الهدى ،والحق بالإسلام ، وألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا ،لا عصبية تفرقهم ،ولا حزبية تشتت جمعهم ،وقد ترك الحبيب الكريم r للمسلمين ماإن تمسكوا به لن يضلوا أبدا : ( كتاب الله وسنته) 0

ولقد مرت الأمة الإسلامية بأحداث جسام كانت أعظمها وفاة الحبيب الكريم r قاصمة الظهر ومصيبة العمر.، ثم ظهور حركات المرتدين ، ومانعي الزكاة ، والمتنبئين ، ثم استشهاد (عثمان بن عفان) ، ثم الخلاف بين

(على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان ) رضي الله عنهم أجمعين .

.

ولم تكن الأمة الإسلامية بمعزل عن الأمم الأخرى ، بل كادت لها الكيد والمكيدة والحقد والرغبة في القضاء عليها عقيدة ودولة، فتظاهر بعضها بالصلاح والتقوى لدى المسلمين، حتى وثق فيهم العامة، واطمأن إليهم الخاصة ، فبدءوا يرمون ويبثون سهام الشبه التي تشكك الناس في عقيدتهم ، والنيل من شخص الحبيب الكريم r ، حتى ينفر من يقرأ سيرته من الإسلام والدخول فيه .

ولم يكن النيل من شخص الرسول الكريم r بحديث عهد ، بل كان قديما قدم ميلاد الرسول الحبيبr وقبله ، فلم تمر فترة من الفترات إلا ويدلو كل حاقد بدلوه ، حيث نجد سهام المشركين من متهمين للنبوة المحمدية ، أو منكرين لها ، أو مدعين لنبوة خاصة 0

.

ولم تكن سهام أهل الكتاب ببعيدة ، بل قصدت الاتهام والإساءة وإبعاد معتقديهم عن نور الإسلام.

ولم تقف التيارات المذهبية قديما وحديثا مكتوفة الأيدي ، بل حاولت اغتيال هذه النبوة المحمدية العطرة حيث نجد : الغلاة من المذاهب الكلامية من : المعتزلة والخوارج والشيعة والحلوليين والاتحاديين وإخوان الصفا والإسماعيلية والنصيرية والدروز والبابية والبهائية والقاديانية والأحباش والقرآنيين المعاصرين …..وغيرهم

والغلاة من الفلاسفة أمثال : الفارابي وابن سينا وابن طفيل… وغيرهم.

وازدادت على أيدي غلاة الصوفية المتفلسفين أمثال : الجيلي والحلاج

والبسطامي والجيلاني والسهرووردي وابن عربي والتيجاني والرومي والنقشبندي ….وغيرهم من غلاة الطرق الصوفية المعاصرة.

.

ولم يكن أعداء الإسلام في عصرنا الحديث من الغرب بمعزل عن تشويه صورة الإسلام والمسلمين خاصة نبي الإسلام محمد r ، فتكاتفت كل القوى الغربية خاصة الاستشراق والتبشير والاستعمار فأدلوا بدلائهم ما تسطر أقلامهم سموم الحقد والكراهية لمؤسس دولة الإسلام r .

لكن خطر غلاة التيارات الفكرية المذهبية الإسلامية خاصة المعاصرة منها أعظم خطورة من خطر سموم المستشرقين ؛ ذلك لأنهم ارتدوا ثوب الإسلام ، فغرسوا العقائد الباطلة محل الحق ، وإثارة الشبهات محل اليقين ، والخرافات محل الحقائق.

.

القرآنيون المعاصرون وإنكارهم سنة النبي محمد r

.

لا شك أن العداء للإسلام ولرسوله r دائم مستمر في كل زمان ومكان، رغبة في القضاء عليه ، وتشويه شخص صاحب الرسالة r ، وإحلال المذاهب البشرية التي اتخذت من هوى العقل إلها مكانه ، ويأبى الله تعالي إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون المنحرفون .

ولقد سجل مؤرخو الملل والنحل والتاريخ الكثير من اعتقادات فرق ومذاهب قد انحرفت عن الحق النبوي :

فهناك من أنكرت السنة والإجماع والقياس والاكتفاء بالقرآن وحده كما عند طائفة السكاكية ( أتباع عبد الله السكاك من غلاة الإباضية أتباع عبد الله بن إباض 86 هـ.) وغيرها

وهناك من أنكر الإسلام – قرآن وسنة – جملة وتفصيلا كما لدي غلاة الدروز ( المعتقدين بتجسد الله في الحاكم بأمر الله المنصور الفاطمي 375هـ ) وغلاة النصيرية الباطنية (أتباع محمد بن نصير النميري 262هـ) ، والإسماعيلية ( المنتسبين إلي الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق 143هـ) ، والمتنبئين ( أمثال : المختار الثقفي 67هـ ، والمغيرة العجلي 119هـ ….)

وهناك من رفض أحاديث الهدي المحمدي ، وأولها تأويلا أخرجها عن المعني الحقيقي لها ، وكثيرا من المعجزات النبوية كما اعتقدت الكثير من فرق المعتزلة أمثال:- ( الواصلية أتباع واصل بن عطاء131هـ ، والنظامية أتباع إبراهيم بن سيار النظام 231هـ ، والجاحظية أتباع عمرو بن بحر الجاحظ 256هـ) .

وهناك من كذب علي الرسول المصطفي r ، فاخترعوا أحاديث نسبوها كذبا إليه rكما عند غلاة الشيعة الاثنى عشرية .

وهناك من أنكر خاتمية النبوة المحمدية ، واعتقد باستمرار النبوة ونزول الكتب المقدسة الدينية بعده r كما لدي المذاهب المعاصرة أمثال : البابية

( أتباع علي محمد الشيرازي 1265هـ )، والبهائية( أتباع بهاء الله حسين علي المازندراني 1892م ، والقاديانية (أتباع غلام أحمد قادياني1908م) .

حتى ظهر من بيننا مذهب معاصر نبتت بذوره الأولى في بلاد الهند وباكستان على يد السيد أحمد خان(1871م- 1889م) ، وعبد الله جكرالوي (1830م- 1914م) ، وأحمد برويز(1903م) ،وغيرهم. أدلى بدلوه الحاقد الرافض لسنة النبي المصطفي r ، وسمى مفكروه أنفسهم ب ( القرآنيين ) متخذين القرآن الكريم مصدراً وحيداً للعقيدة الإسلامية، والتشريع الإسلامي ، ورافضين السنة النبوية المحمدية كمصدر من مصادر التشريع بحجج واهية كشف اللثام عن رغبتهم الحقيقية في إنكار القرآن الكريم ، والسنة معا وليس للسنة النبوية المحمدية وحدها !!

ولعل خطورة هذا التيار المعاصر تكمن في كونه :

1- متأثراً بفكر الغلاة الأقدمين من غلاة الخوارج والمعتزلة و الشيعة

2- متأثراً بالفكر الاستشراقي الغربي المعاصر الحاقد علي الإسلام والمسلمين ، والراغب في زعزعة الثقة في نفوس المسلمين تجاه مصدر الإسلام الثاني النور المحمدي r.

3- دور وسائل الإعلام المختلفة في إبراز فكر هؤلاء القرآنيين ، واعتباره الفكر المستنير المتحضر الصحيح وغيره فكر عقيم رجعي عفت عليه العصور، ولم يساير عصر التقدم الذي نعيشه !!

4- إن مؤسسي هذا المذهب الفكري المعاصر أساتذة مفكرون يحتلون مراكز جامعية ومراكز هامة لهم تأثيرهم القوي علي أجيال من الشباب الذين يفتخرون بالقدوات العلمية فيقعون في شراكهم – وهم علي قدر قليل من العلم – فيخرج جيل من الشباب وقد ملكه الشك تجاه النبوة المحمدية العطرة ، فما يلبث أن يرفضها كما رفضها أساتذتهم .

وقد منّ الله تعالي أن يحارب هؤلاء من قبل أساتذة متخصصين فضلاء ، يدافعون عن سنة الحبيب المصطفي r ، ومنعوا مؤلفات هؤلاء القرآنيين أن ينتشر سمومها بين الناس ، ولم يجد هؤلاء القرآنيون متنفساً يبثون من خلاله سمومهم إلا من خلال قنوات فضائية متخصصة في محاربة الإسلام ورسوله r ومواقع علي شبكات الإنترنت المعاصرة !!

ويعتبر ( موقع أهل القرآن ) علي شبكات الإنترنت هو الناطق الرسمي الأساسي لهؤلاء القرآنيين ضد السنة النبوية المحمدية ، بالإضافة إلي عدد من المواقع الصديقة أهمها : اللادينيين العرب ، شفاف الشرق الأوسط ، islam light house .

1- نشـأة تيـار القرآنيين

ظهر التيار القرآني في مصر، ولقي استجابة واسعة – كما يري أصحابه من القرآنيين- في مصر وخارجها بين أوساط المثقفين المسلمين المستنيرين!! الرافضين لأطروحات التيار السلفي السني الوهابي المتهم بالتحريض على الإرهاب ، والتعصب والتطرف !!.

والأب الروحي لهذا التيار هو الشيخ الدكتور/أحمد صبحي منصور، الذي واجه السلفية الصوفية، ثم الوهابية خلال عمله في جامعة الأزهر، مما سبب في اضطهاده داخل الجامعة ,ثم فصله منها عام 1987م ، ثم اضطر للهجرة لأمريكا لاجئا سياسيا ،بعد إغلاق مركز ابن خلدون ،وموجة اعتقال شملت صفوف النشطين من القرآنيين ، بتهمة ازدراء الأديان .

.

2- منهـج القرآنيين الفكري

يعتقد القرآنيون أن هناك رؤيتين للإسلام:

الأولي : رؤية للإسلام من خلال مصدره الإلهي، وهو القرآن الكريم ز

ومنهج هذه الرؤية هو أن يفهم القرآن من خلال مصطلحاته ولغته، فللقرآن لغته الخاصة التي تختلف عن اللغة العربية ، فاللغة العربية- كأي لغة- هي كائن متحرك ، تختلف مصطلحاته ومدلولات الكلمات حسب الزمان والمكان وحسب الطوائف والمذاهب الفكرية، وحسب المجتمعات.. وبالتالي فالذي يريد أن يتعرف على الإسلام خلال مصدره الإلهي – القرآن- عليه أن يلتزم باللغة القرآنية، ثم يبدأ بدون أدنى فكرة مسبقة في تتبع الموضوع المراد بحثه من خلال كل آيات القرآن، سواء ما كان منها قاطع الدلالة شديد الوضوح ، وهذه الآيات المحكمة، أو ما كان منها في تفصيلات الموضوع شروحه وتداخلاته، وهى الآيات المتشابهة، وهنا يصل إلى الرأي القاطع الذي تؤكده كل آيات القرآن، وهذه هي الرؤية القرآنية للإسلام.

والثانية : هي الرؤية التراثية البشرية .

وهى أن ينظر للإسلام من خلال مصادر متعددة، منها القرآن، والأحاديث المنسوبة للنبي، وروايات أسباب نزول الآيات، وأقاويل الفقهاء والمفسرين.. ومن الطبيعي أن تجد آراء متعارضة، وكل رأى يبحث في آيات القرآن عما يؤيده بأن يخرج الآية عن سياقها، وأن يفهمها بمصطلحات التراث ومفاهيمه، ومن الطبيعي أن هذا الفهم للإسلام يتعارض مع حقيقة الإسلام، ومع الرؤية القرآنية له، ومن هذه الرؤية تخرج الفتاوى التي يكون بها الإسلام متهماً بالإرهاب والتخلف والتطرف. (1)

قد تكون صورة ‏تحتوي على النص '‏سلسلة مقالات بحثية عن منكري السنة المحمدية القر آنيون المعاصرون وإنكار هم سنة النبي محمد صلى الله عليه .وسلم بحث أكاديمي نشر بحولية مركز البحوث والدراس راسات الإسلامية -جامعة القاهرة -العدد- عام ለ ٢٠٠٠ إعداد أد/ خلد عباس القط‏'‏

عرض الرؤى

معدل وصول المنشور: ٩

أعجبني

تعليق

إرسال

أضف تعليق