غسان حنا فنان تشكيلي وشاعر
/ 18/ 9/ 2013
ــ نفس النهايـة ( نحن والواقع والحياة ؟..
ما أنا سوى صرخة ليل صامت
صهوة عمر أتعبته الأيام
قابع في مكان حيث لا مكان
في دجى ليل ترنو إلى ّالشمس
من أطرافه العميقة البعيدة المدار
أمامي مغلق هذا المدى الغامض
ملتبس غير مقروء يغشيّه الضباب
الطريق في قلب النفناف غير واضحة
متاهة عمياء..
يتسول على قارعتها الريح
ويد المجهول الفارغة
إلاّ من الغبار؟
يمر الوقت..
فأعرف أن الوقت مرَّ..
عندما الفصول تمارس عشقها الأزليّ
تتساقط الأوراق في الخريف
تزري بها رياح العدم
فيلتهم التراب بصمت
وجبته الخريفية؟
وكان شيئاً لم يكن؟
هكذا الأيام تعبر بخفة خفية
دون انتباه لما يجري..
مأخوذون بأحلامنا القاصرة
المكسورة الأجنحة..
نحسب أننا أحرار
ونحن في قلب المفازة تائهون
لم ندرك الخلاص بعد
حتى ولا بخيالنا..
بينما اللحظات تهوي من أعمارنا
صرعى على أرصفة الطريق الوعر
على صخرة المجهول الصلبة البكماء
جثث مَيتا بصمت من غير صداً لصوت
أو لخفقة جانح خفيّة..
كل شيء يعبر بصمت اعتيادي
كالعادة..
إلى يوم جديد سيهوي كباقي الأيام
في هوة الظلمة والمجهول..
نحن كالبحر الصاخب يكرر نفسه
لا شيء جديد..
تحت شمس لا تعرف عنا شيئاً
مجرد أحجار تحت سقرتها الحامية.
بعد حين تلبس الأشجار حلتها الجديدة
تزهر تلك البراعم في براءتها القديمة
على الأغصان التي من غير ذاكرة
من ثم ترمي ثمارها وتمضي
في انحناءات الفصول الدائرية.
الوقت ترسمه الفصول بألوان عجيبة
كذلك ترسمنا الحياة ونحن لا ندري
بأننا نمارس طقوسها الوثنية دون انتباه
وفي ظل الوقت البارد القاتم..
تنطفئ الشموع المضاءة على أدراج الحياة
بكف باردة..
فتحتفل الأرض بوجبة دسمة غنية.
المجهول ما بيننا شبح حفي..
ولا من يراه أو يسمع هفّ خطاه
أو صداه..
كل ذلك يجري في صمت، دون انتباه
صخرة تتفتت وتعيد تشكيل نفسها
من جديد. وهكذا..
كل ذلك يجري بصمت غريب متقن.
ليس تحت المجهر سوى ديدان أناتنا
وصدى أحلامنا الميتة..
والحياة الضاجة بالحياة الصاخبة
في حقول الريح تركض حافية لاهية
غير عابئة بكل ما نحن فيه
من آلام وشقاء..
لاهثين خلفها إلى ذروة الجبل المطل
على ظلمة الهاوية..
حسبنا الفوز بأشياء ثمينة..
ربما بآنية الإله الخاوية
كل شيء كما هو..
هكذا نحن الشيطان في قلب البراءة
يغسل أيديه براءة، ويفعل كل شيء
وما زالت صورنا القديمة
براعم على أغصان شجرة الحياة
تعيد الطبيعة أزهارها
والفروقات ضئيلة..
لا يراها إلاّ المبصرون
تحت حكم العادة لسنا نراها
غارقين في تفاهات الحياة
في ملذات الحياة..
وفي فلسفات عقيمة..
وفي مسرحيات لشمبازي الإنسان
الضاحك..
نضحك فيها على أنفسنا
في مأساة الحياة العبثية.
وما نحن في شوارع الأرض الغريبة
سوى طفرة غريبة..
نحن غرباء الأرض والكون معاً؟
الطريق المزدحم بالناس يزداد ازدحاماً
والضجيج استفحلت ضوضاؤه
كجيوش تستعد للقتال في حرب ضروس
أقلقت بضجيجها صمت الفضاء
الطريق لم يزل نفس الطريق
وبه يمضي الجميع
لا فرق بين مخلوق ومخلوق
ناطق كان أم غير ناطق..
الكل جاهل لماذا يحيى …؟
ومن أجل ماذا هو في الأصل
يعيش..
أو إلى أين سيمضي..
لا ضياء في جدار الظلمة
حتى ولا ثقب صغير..
نحن ما زلنا نحفر في كتامة الصخر
منذ القدم..
وما كانت لتنبجس المياه المقدسة
لتعطي أهل الأرض الأمن والأمان
الكل تحت الشوبك مثل رقاقات العجين
والكل في هذا سواء..
نحن كالحجر المحكوم في أصل البناء
ولا بدّ من المضي في الطريق للنهاية
شئنا أم لم نشء ذلك مرغمين
مكره أخوك لا بطل ؟..
فلا طريق آخر أمامنا للاختيار
ــ تحت دوحة السماء اليابسة
ــ تحت زرقة الفضاء الخاوية
من كل روح أو حياة..
أو أمــــــــــــل.
غسان حنا فنان تشكيلي وشاعر
/ 18/ 9/ 2013